
موند بريس.
ألقى زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي، خطابا طغت عليه نبرة دفاعية متوترة، وعبارات تنم عن أزمة عميقة تعيشها الجبهة على المستويين السياسي والعسكري. وقد اعتبر مراقبون الخطاب مؤشراً على إدراك قيادة البوليساريو لاقتراب نهاية النزاع، بعد فقدانها زمام المبادرة ميدانياً ودبلوماسياً.
ونقلت مواقع اعلامية محسوبة على الجبهة أن غالي حاول في خطابه، استعادة رمزية تأسيس البوليساريو سنة 1973، وربطها بما يسمى إعلان “الوحدة الوطنية” في أكتوبر 1975، معتبراً تلك المرحلة مفصلية في ما وصفه بـ”الكفاح التحرري”. إلا أن التحوّل في نبرة الخطاب، من الاحتفال إلى التحذير، لم يخفِ حالة القلق التي تسيطر على قيادة الجبهة، حيث ركّز على ما سماه “المؤامرات الدولية” و”الحلول المشبوهة” التي تهدد “الطبيعة القانونية للقضية الصحراوية”، في إشارة إلى المبادرات الدولية التي باتت تتجه نحو دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.
وتزامن الخطاب مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومداولات مجلس الأمن، حيث برز بوضوح التراجع الكبير في تأثير البوليساريو وداعمتها الجزائر، خاصة بعد الاتفاق الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول استغلال الثروات الطبيعية في الأقاليم الجنوبية، والذي انتقده غالي بشدة واعتبره “انتهاكاً للقانون الدولي”، في تعبير آخر عن فقدان السيطرة على مجريات الملف.
وفي محاولة لإظهار التماسك الميداني، نظّمت الجبهة استعراضاً عسكرياً محدوداً عشية الخطاب، شهد عرض مركبة جديدة أطلق عليها البعض اسم “السطافيط”، في مشهد وصفه متابعون بأنه رمزي أكثر منه فعلي، ويعكس هشاشة القدرات العسكرية للبوليساريو بعد خمس سنوات من استئناف القتال ضد المغرب في نونبر 2020 دون أي مكاسب تذكر.
في المقابل، تشير كل المؤشرات إلى أن الجزائر بدأت تتقبل واقع التحولات المتتالية في الملف، بعد سلسلة من النكسات الدبلوماسية التي أضعفت قدرتها على التأثير في المسار الأممي، بينما يرسّخ المغرب مواقفه من خلال دعم متزايد على المستوى الدولي، واستثمارات اقتصادية وتنموية قوية في الأقاليم الجنوبية، ما يعزز من فرضية اقتراب الحسم السياسي للنزاع على أساس مقترح الحكم الذاتي كحل نهائي وعادل.
قم بكتابة اول تعليق