صياغة الفضة بين رهان التسويق وإعداد الخلف (فيديو )

  موند بريس /  محمد أيت المودن

تعتبر صياغة الفضة من أعرق مهن الصناعة التقليدية بالمغرب. وخصوصا بتيزنيت المدينة الملقبة بعاصمة الفضة.

 

وتشكل صناعة الحلي الفضية واحدة من أبرز المهن والحرف التقليدية التي تصنف تراثا تاريخيا بتجلياتها الثقافية العميقة وتحتل مكانة خاصة في الموروث الشعبي بالمغرب.

 

وتتبوأ تزنيت التي اشتهرت بصناعة المجوهرات التقليدية مكانة رائدة في مجال الصياغة الفضية بمختلف مكوناتها الإنتاجية والفنية والخدماتية.

 

وقد عرفت منذ القدم بهذه التجارة، فكانت على الدوام قبلة للزوار الذين يقصدون أسواقها لاقتناء الحلي الفضية الصافية من المحلات التي تصطف بـ”قيساريات النقرة” قرب ساحة المشور، والتي ارتفع عددها حاليا إلى ما يناهز 400 محل.

 

وتفنن الصائغون المحليون من مسلمين ويهود في ابتكار حلي حاملة لقيم جمالية إبداعية سواء من حيث استخدام نوع منفرد ومتميز من معدن الفضة أو من حيث توظيف أساليب وتقنيات مختلفة في صناعة الحلي كتقنية “الفيليكرام”، وتقنية الطلاء الزجاجي، ثم تقنية النقش وهي المتداولة على نطاق واسع بالمنطقة كما توجد أيضا تقنية “التخرام”، إضافة إلى تقنيات أخرى كاستعمال مادة النيال الأسود وتقنية الفريغ، وكلها تقنيات تستوحي أساليبها وأشكالها وتصاميمها من التراث المحلى، كما أنها تستحضر المقومات الفنية والرموز الثقافية متعددة الروافد.

 

وقد جرى توفير مادة الفضة الخام محليا بأثمان مناسبة وإحداث العلامة التجارية “مضمون” للحفاظ على خصوصيات وجودة المنتوجات الفضية المحلية، علاوة على تشجيع ودعم الصناع للمشاركة في معارض إقليمية وجهوية ودولية وكذا تنظيم دورات تكوينية لفائدتهم بإشراف من خبراء مغاربة وأجانب.

 

وتعتبر صناعة وصياغة الفضة رافدا تنمويا يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية، إذ يوفر مجموعة من فرص الشغل ويعد مصدرا لتنمية الموارد الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب كونه مرتكزا للتماسك والتضامن حيث تغطي حرفة صياغة الحلي الفضية جل مناطق إقليم تزنيت سواء داخل المجال الحضري أو القروي ويشتغل في هذا القطاع ما يزيد عن 1200 صانعة وصانع تقليدي.

 

واستطاعت تزنيت أن تحافظ على مركز الريادة في مجال الصياغة الفضية بفضل حنكة ومهارة أبنائها الصناع التقليديين ، وساهم ذلك في المحافظة على هذا الموروث الحضاري الأصيل والمتنوع رغم تأثيرات العولمة ومظاهر التحديث الذي تشهده خاصة أدوات الإنتاج، ناهيك عن المنافسة الخارجية.

 

لكن اليوم. يعاني هذا القطاع بشكل ملحوظ من غياب استراتيجية عميقة لإعداد الخلف من الحرفيين الشباب . بحيث علق معظم الحرفيين لموفد جريدة “موند بريس” لتزنيت ، و الذين قضوا أزيد من 25 سنة من حياتهم في هذا المجال . “يعانون “من عزوف الشباب عن حمل المشعل ، ومواصلة الحفاظ على هذه “الصنعة” التي نخشى يوما ما أن يطالها الإندثار . وهي رسالة مستعجلة للوزارة الوصية لفتح ورش تأهيل الخلف من صائغي الفضة قبل فوات الأوان . والعمل على تشجيع المستثمرين لفتح مدارس متخصصة في تخرج الشباب المتخصصين في صياغة الفضة ببلادنا وخصوصا مدينة تيزنيت.

قم بكتابة اول تعليق

اترك رد