
موندبريس بقلم عبد السلام بطار، باحث في المالية العامة والضرائب.
عقد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يوم الخميس 19 أكتوبر 2023، مجلسا وزاريا للتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2024 ، وقد قدمت, السيدة وزيرة الاقتصاد والمالية عرضا أمام جلالة الملك حول الخطوط العريضة للمشروع.
وترتكز التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2024 على أربعة محاور أساسية:
أولا: تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، وتعزيز التدابير الرامية للحد من التأثيرات الظرفية
ثانيا: مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية
ثالثا: مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية
رابعا: تعزيز استدامة وتوازن المالية العمومية
ولكن، هناك ملاحظة مهمة يجب الوقوف عندها، وهي أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 قد خالف مقتضيات الفصل 49 من الدستور و المادة 46 من القانون التنظيمي رقم 130.13.
للإشارة فإن دور المجلس الوزاري في دستور 1996 و القانون التنظيمي رقم 98.7 كان محدود بحيت نصت المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 98.7 على ما يلي “يتولى الوزير المكلف بالمالية تحضير مشاريع قوانين المالية تحت سلطة الوزير الأول.” والملاحظ من هذه المادة كان مشروع قانون مالية السنة، مثله مثل باقي مشاريع القوانين الأخرى في ظل القانون التنظيمي للسنة 1998 ، يحال على المجلس الوزاري قبل البت فيه. وكان دور هذا الأخير يقتصر على تحديد المشروع ووضع اللمسات الأخيرة عليه وإجازته ليكون نهائيا وقابلا لأن يودع لدى مكتب أحد مجلسي البرلمان. ولذلك فإن المجلس الوزاري كان ينعقد في الغالب، أياما قليلة قبل حلول الأجل الأقصى للإيداع وهو 20 أكتوبر من كل سنة.
لكن مع دستور 2011 و دخول القانون التنظيمي رقم 130.13 حيز التنفيذ عام 2016 فإن مسؤولية المجلس الوزاري ودوره في عملية إعداد مشروع قانون مالية السنة أصبحت أدق وأكبر ، بحيث تنص الفقرة 4 من الفصل 49 من دستور 2011 على أن يتداول المجلس الوزاري، تحت رئاسة جلالة الملك، في شأن التوجهات العامة لمشروع قانون المالية. كما تنص المادة 46 من القانون التنظيمي لقانون المالية بشكل واضح على أن يتولى الوزير المكلف بالمالية يقوم تحت سلطة رئيس الحكومة، بإعداد مشاريع قوانين المالية طبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في المجلس الوزاري
و الملاحظ أن المادة 46 من القانون التنظيمي لقانون المالية، فإن إعداد مشاريع قوانين المالية تمر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: تصدر التوجهات العامة لمشروع قانون المالية عن المجلس الوزاري.
المرحلة الثانية: يقوم الوزير المكلف بالمالية بإعداد مشروع قانون المالية طبقا للتوجهات العامة الصادرة عن المجلس الوزاري تحت سلطة رئيس الحكومة .
المرحلة الثالثة: يصادق البرلمان على مشروع قانون المالية.
وعليه، فإن المرحلة الأولى هي المرحلة الأساسية في إعداد مشاريع قوانين المالية.
الاعداد الاداري بالنسبة لمشاريع قوانين مالية السنة يبدأ يكون في مارس .
ولذلك، يجب أن يتم انعقاد المجلس الوزاري قبل انطلاق مسلسل تحضير مشروع القانون المالي من قبل الحكومة ، حتى تتمكن هذه الأخيرة من إعداد مشروع قانون المالية وفق التوجهات العامة الصادرة عن المجلس الوزاري. ولكن في الواقع لا يتم انعقاد المجلس الوزاري قبل البدء في إعداد مشروع قانون مالية السنة , بل يتم انعقاد المجلس الوزاري بعد الانتهاء من إعداد قانون مالية السنة بأيام قليلة قبل إحالته على البرلمان كما هو الحال بالنسبة لمشروع قانون المالية للسنة 2024.
*كما ان خبير المالية العامة جواد لعسري، أستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في احدى تصريحاته لجريدة هسبريس الإلكترونية، اعتبر هذا الخلل في مسطرة إعداد مشاريع قوانين المالية عور دستوري، إذ إن الحكومة وفقه خرقت المسطرة الدستورية المعتمدة لإعداد مشروع قانون .
وإذا لم يتم ذلك، فسيظل هناك شك حول شرعية قوانين المالية للسنة منذ دخول القانون التنظيمي رقم 130.13 حيز التنفيذ عام 2016 ،.
قم بكتابة اول تعليق